
اضطراب التقييد للطعام: مفهومه، أسبابه وطرق علاجه
في عالم تتعدد فيه اضطرابات الأكل، قد يظن البعض أن القلق من الطعام أو الامتناع عن تناوله هو مجرد “مزاج” أو سلوك مؤقت، لكن الحقيقة أعمق من ذلك. هناك حالات يكون فيها التقييد في تناول الطعام اضطرابًا نفسيًا معترفًا به طبيًا، يُطلق عليه اسم اضطراب التقييد للطعام أو اضطراب التجنّب/التقييد للطعام (ARFID). هذا الاضطراب لا يتعلق بالخوف من السمنة أو الرغبة في فقدان الوزن كما هو الحال في فقدان الشهية العصبي، بل ينطوي على تجنّب أصناف معينة من الطعام أو تناول كميات محدودة للغاية لأسباب متعددة مثل الحساسيات الحسية أو التجارب السلبية مع الطعام.
الفهرس
- مفهوم اضطراب التقييد للطعام (ARFID)
- أعراض اضطراب التقييد للطعام
- أسباب اضطراب التقييد للطعام
- أنواع اضطراب التقييد للطعام
- طرق تشخيص اضطراب التقييد للطعام
- طرق علاج اضطراب التقييد للطعام
- طرق الوقاية اضطراب التقييد للطعام
- المصادر المستعملة لكتابة المقال
- منظمات دولية وهيئات طبية
- مصادر أكاديمية وطبية
- مقالات ومصادر متعمقة
اضطراب ARFID قد يصيب الأطفال والمراهقين، وقد يستمر في بعض الحالات إلى مرحلة البلوغ، ما يؤثر على التغذية، الصحة الجسدية، والنمو النفسي والاجتماعي. في هذا المقال، سنستعرض مفهوم هذا الاضطراب، أعراضه، أسبابه، أنواعه، وطرق تشخيصه وعلاجه والوقاية منه — بأسلوب علمي مبسّط يناسب القارئ الباحث عن المعرفة والدقة الطبية.
مفهوم اضطراب التقييد للطعام (ARFID)
اضطراب التقييد للطعام (Avoidant/Restrictive Food Intake Disorder) هو اضطراب نفسي وسلوكي يُصنف ضمن اضطرابات الأكل، يتمثل في تجنّب أو تقييد تناول الطعام بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى مشكلات صحية أو اجتماعية دون وجود دافع واضح لخسارة الوزن كما هو الحال في اضطرابات الأكل الأخرى.
تم إدراج ARFID رسميًا في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي في عام 2013، وهو يعد تطورًا لمفهوم كان يُعرف سابقًا باسم “اضطراب الأكل الانتقائي” أو “اضطرابات الأكل في الطفولة”.
يتميز ARFID بما يلي:
- نقص واضح في كمية أو تنوع الطعام المتناول.
- يؤدي إلى فقدان الوزن أو النمو غير الكافي لدى الأطفال.
- نقص في العناصر الغذائية الأساسية.
- الاعتماد على المكملات الغذائية أو التغذية الأنبوبية.
- تأثير سلبي على الأداء الاجتماعي أو الأكاديمي أو النفسي بسبب القلق المرتبط بالطعام.
المهم أن نُدرك أن هذا الاضطراب لا يرتبط بصورة الجسم، فالشخص المصاب لا يسعى بالضرورة للنحافة أو تغيير شكل جسده، بل قد يتجنب الطعام بسبب خوف من الاختناق أو التقيؤ، أو بسبب الاشمئزاز من قوام أو لون أو رائحة بعض الأطعمة.
أعراض اضطراب التقييد للطعام
تشمل أعراض اضطراب التقييد للطعام مجموعة متنوعة من العلامات النفسية والسلوكية والجسدية. غالبًا ما تبدأ الأعراض في الطفولة المبكرة، لكنها قد تستمر أو تظهر لاحقًا في المراهقة أو حتى البلوغ.
من أبرز الأعراض:
يعاني المصابون بـ ARFID من صعوبة شديدة في تناول أنواع متعددة من الطعام، أو يظهرون نفورًا مفرطًا من القوام أو الطعم أو الرائحة، ما يجعلهم يقتصرون على عدد قليل من الأصناف الغذائية. قد يرفض الطفل، على سبيل المثال، تناول أطعمة ذات ملمس طري أو رائحة قوية. وفي بعض الحالات، يكون الرفض ناتجًا عن تجربة سلبية سابقة مثل التقيؤ أو الاختناق، مما يؤدي إلى خوف مرضي من تكرار التجربة.
وتظهر أعراض إضافية تشمل:
- فقدان ملحوظ في الوزن أو ضعف في النمو الجسدي عند الأطفال.
- نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية.
- الاعتماد على المكملات الغذائية أو التغذية عبر الأنبوب.
- صعوبة في المشاركة الاجتماعية في الأنشطة التي تشمل الطعام، مثل الولائم أو المناسبات العائلية.
- القلق الشديد أو الانزعاج عند تقديم أطعمة جديدة.
- انخفاض مستويات الطاقة أو النشاط بسبب سوء التغذية.
بمرور الوقت، قد تتفاقم هذه الأعراض وتؤثر على الصحة النفسية، مما يزيد من مشاعر القلق أو العزلة أو حتى الاكتئاب.
أسباب اضطراب التقييد للطعام
تتعدد الأسباب المحتملة وراء الإصابة باضطراب التقييد للطعام، وتختلف من شخص لآخر، وتشمل:
- تجارب سلبية سابقة مع الطعام (مثل التقيؤ، الاختناق، التحسس).
- الحساسيات الحسية مثل النفور من ملمس أو لون أو رائحة معينة.
- اضطرابات نفسية مصاحبة مثل القلق أو اضطرابات طيف التوحد.
- التأثيرات العائلية أو البيئية مثل التربية الصارمة أو نماذج أكل غير صحية.
- اضطرابات في الإدراك الحسي أو التناسق العصبي العضلي تؤثر على تجربة تناول الطعام.
- الارتباط بين الطعام والخوف أو العقاب لدى الأطفال.
- عوامل وراثية أو عصبية تزيد من قابلية الإصابة.
- نقص التوعية أو التدخل المبكر عند ظهور أعراض طفيفة.
أنواع اضطراب التقييد للطعام
يمكن تصنيف اضطراب التقييد للطعام إلى ثلاثة أنماط رئيسية بحسب السبب الظاهر وراء التقييد:
- النوع القائم على الاشمئزاز الحسي: يتمثل في تجنب الطعام بسبب النفور من لونه أو رائحته أو قوامه.
- النوع القائم على القلق أو الخوف: يتجنب الشخص الطعام خوفًا من نتائج سلبية كالتقيؤ أو الاختناق.
- النوع القائم على انخفاض الاهتمام بالطعام: حيث يظهر الشخص لا مبالاة أو فقدان شهية مزمن للطعام دون أسباب جسدية واضحة.
طرق تشخيص اضطراب التقييد للطعام
يتم تشخيص اضطراب التقييد للطعام بناءً على معايير محددة وضعها الدليل التشخيصي DSM-5، ويُجريه عادةً طبيب نفسي أو اختصاصي تغذية سلوكي.
تشمل العملية التشخيصية:
- مقابلة سريرية شاملة تشمل التاريخ الطبي والنفسي للمريض.
- ملاحظة السلوك الغذائي وتقييم أنماط تناول الطعام.
- فحوصات جسدية لتحليل مؤشرات نقص التغذية أو النمو غير الكافي.
- استبعاد الأسباب الطبية الأخرى مثل الحساسية الغذائية أو الاضطرابات الهضمية.
- تمييز الاضطراب عن اضطرابات الأكل الأخرى مثل فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي.
يُعد التشخيص الدقيق خطوة حيوية لتحديد العلاج المناسب ومنع تفاقم الأعراض، خصوصًا لدى الأطفال.
طرق علاج اضطراب التقييد للطعام
تتعدد خيارات العلاج المتاحة لاضطراب التقييد للطعام وتُحدد حسب الحالة الفردية لكل مريض، ومن أبرز الطرق:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT-AR): أسلوب علاجي يركز على تعديل أنماط التفكير والسلوك المرتبطة بالطعام.
- العلاج بالتعريض التدريجي: تعريض المريض تدريجيًا لأطعمة جديدة بطريقة آمنة ومريحة.
- العلاج الأسري: إشراك أفراد العائلة في خطة العلاج لدعم المريض وتحسين البيئة المنزلية.
- العلاج الغذائي: بإشراف اختصاصي تغذية لمعالجة نقص العناصر الغذائية تدريجيًا.
- الدعم النفسي: جلسات مع معالج نفسي لمواجهة القلق أو الخوف المرتبط بالأكل.
- العلاج الدوائي: في بعض الحالات، يمكن استخدام أدوية لعلاج القلق أو الاكتئاب المصاحب.
- التعاون بين تخصصات متعددة: فريق طبي يشمل طبيب نفسي، اختصاصي تغذية، ومعالج سلوكي لضمان خطة علاجية شاملة.
طرق الوقاية اضطراب التقييد للطعام
رغم أن بعض حالات اضطراب التقييد للطعام قد تنشأ دون إنذارات واضحة، إلا أن التدخل المبكر والوعي الأسري يمثلان عاملين حاسمين في الوقاية.
من المهم أن يكون الوالدان ومقدمو الرعاية منتبهين لأي أنماط غذائية غير اعتيادية لدى الطفل، مثل رفضه المتكرر لأطعمة معينة أو اعتماده على أصناف محددة بشكل مفرط.
كما يُوصى بتقديم الطعام بطريقة مرنة، دون إجبار أو عقاب، مع خلق بيئة غذائية إيجابية تشجع على الاستكشاف الآمن للأطعمة الجديدة.
التثقيف الغذائي، الدعم العاطفي، وتجنب استخدام الطعام كوسيلة للضغط أو المكافأة كلها ممارسات تساهم في تقليل احتمالية تطور هذا الاضطراب. وعند ملاحظة أي سلوكيات مقلقة، يُنصح باستشارة مختص في الصحة النفسية أو التغذية دون تأخير.
ختامًا…
✔️ إذا كنت تلاحظ على طفلك أو أحد أحبائك سلوكًا غذائيًا غير اعتيادي، مثل رفضه المتكرر لأنواع كثيرة من الطعام، أو فقدانه الوزن دون سبب عضوي واضح، فقد تكون هذه مؤشرات على اضطراب التقييد للطعام. الوعي المبكر والتدخل السريع يمكن أن يمنع مضاعفات جسدية ونفسية خطيرة في المستقبل.
منصة نفسي فيرتول تمنحك فرصة التواصل مع دكتور نفسي أونلاين بكل خصوصية وأمان، دون الحاجة لمغادرة منزلك.
🔹 سواء كنت تبحث عن:
- دكتور نفسي متخصص في اضطرابات الأكل
- علاج نفسي عن بعد
- طبيب نفسي مرخص في الإمارات
فكل ما تحتاجه أصبح في متناولك بخطوة واحدة فقط.
💬 احجز جلستك الآن، وابدأ طريقك نحو استعادة العلاقة الصحية مع الطعام، مع نخبة من المختصين المعتمدين والمجربين.
المصادر المستعملة لكتابة المقال
منظمات دولية وهيئات طبية
ARFID (Avoidant/Restrictive Food Intake Disorder): Symptoms
Overview – Eating disorders – NHS
مصادر أكاديمية وطبية
Avoidant restrictive food intake disorder (ARFID) | NHS inform
Malnutrition & Food Restriction: The Health Risks of Eating Disorders | ACUTE