
الفصام: أعراضه، أسبابه وطرق علاجه
الفصام (Schizophrenia) هو أحد أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا وإثارة للجدل، ليس فقط لصعوبة أعراضه، بل أيضًا بسبب المفاهيم الخاطئة المنتشرة حوله. غالبًا ما يُصوَّر الفصام على أنه “انفصام في الشخصية”، لكنه في الحقيقة اضطراب ذهني يؤثر في طريقة التفكير، والشعور، والتصرف، وليس انقسامًا في الهوية.
الفهرس
يبدأ عادة في أواخر سن المراهقة أو بداية العشرينات، ويؤثر على الملايين حول العالم. بالرغم من كونه حالة مزمنة، إلا أن العلاج المبكر والدعم النفسي والاجتماعي يمكن أن يغيّر مجرى المرض بشكل جذري ويمنح المصاب حياة أكثر استقرارًا.
مفهوم الفصام
الفصام هو اضطراب نفسي طويل الأمد يصنَّف ضمن “الاضطرابات الذهانية”، ويتميز بخلل في الإدراك والتفكير والسلوك. يعاني المصاب من صعوبة في التفرقة بين الواقع والخيال، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل الهلوسات، الأوهام، واضطراب الكلام والسلوك.
يتداخل الفصام مع أداء الفرد في الحياة اليومية، وقد يؤثر سلبًا على قدرته على العمل، الدراسة، أو الحفاظ على العلاقات الاجتماعية. لكن من المهم التأكيد أن الأشخاص المصابين بالفصام ليسوا “خطرين بالضرورة”، وأن المرض يمكن إدارته بفعالية بالعلاج المناسب.
أعراض الإصابة الفصام
تتنوع أعراض الفصام من شخص لآخر، لكنها غالبًا ما تنقسم إلى ثلاث مجموعات رئيسية: أعراض ذهانية (إيجابية)، أعراض سلبية، وأعراض معرفية.
-
الأعراض الذهانية (الإيجابية):
وتشمل وجود تجارب غير واقعية مثل:
-
- الهلوسات: سماع أصوات غير موجودة (وهي الأكثر شيوعًا)، أو رؤية أشياء لا يراها الآخرون.
- الأوهام: معتقدات خاطئة وثابتة لا تتغير رغم الأدلة، مثل الاعتقاد بأن أحدًا يراقبه أو يطارده.
- اضطراب التفكير: يظهر من خلال كلام غير مترابط أو أجوبة غير منطقية للأسئلة.
- اضطراب الحركة: قد يظهر المصاب بسلوكيات غريبة أو حركات غير طبيعية.
-
الأعراض السلبية:
وهي فقدان أو نقص في الوظائف الطبيعية وتشمل:
-
- انعدام التعبير العاطفي (وجه جامد، صوت monotone).
- ضعف المبادرة والاهتمام بالنشاطات.
- انسحاب اجتماعي أو ضعف العلاقات الشخصية.
- قلة الكلام أو البطء في الاستجابة.
-
الأعراض المعرفية:
- تتعلق بضعف الانتباه، والتركيز، والذاكرة قصيرة المدى، وصعوبة في اتخاذ القرار أو تنظيم المهام اليومية.
أسباب الإصابة بالفصام
رغم أن السبب الدقيق للفصام غير معروف، إلا أن الأبحاث تشير إلى مجموعة من العوامل التي تساهم في ظهوره، منها:
- الوراثة: وجود تاريخ عائلي يزيد من احتمالية الإصابة.
- اختلالات كيميائية في الدماغ: خاصة في النواقل العصبية مثل الدوبامين والغلوتامات.
- مشكلات في تطور الدماغ: أثناء الحمل أو الولادة، مثل نقص الأكسجين.
- التعرض لضغوط شديدة: كالصدمات النفسية في مرحلة الطفولة أو المراهقة.
- العدوى الفيروسية أثناء الحمل أو الولادة.
- تعاطي المخدرات مثل الحشيش أو الأمفيتامينات قد يسرّع أو يحفّز ظهور الأعراض لدى الأشخاص المعرضين وراثيًا.
أنواع الفصام
يصنّف الفصام حسب الدليل التشخيصي DSM-5 إلى نمط واحد شامل، ولكن سابقًا كان يتم تقسيمه إلى الأنواع التالية التي لا تزال تُستخدم إكلينيكيًا لوصف أنماط الأعراض:
- الفصام الزوري (Paranoid schizophrenia): يتميز بوجود أوهام واضطرابات سمعية دون تراجع واضح في التفكير أو العواطف.
- الفصام غير المنظم (Disorganized type): سلوك وكلام غير منظم بشكل كبير مع مشاعر غير مناسبة.
- الفصام الكتاتوني (Catatonic type): اضطرابات حركية واضحة مثل التصلب أو التكرار المفرط في الحركات.
- الفصام غير المميز (Undifferentiated): أعراض متعددة لا تندرج تحت تصنيف واحد واضح.
- الفصام المتبقي (Residual): وجود أعراض خفيفة بعد تجاوز النوبة الذهانية الأساسية.
تشخيص الفصام
يُعد تشخيص الفصام عملية دقيقة ومعقدة تتطلب تقييماً شاملاً من قبل طبيب نفسي مختص. يستند التشخيص إلى معايير محددة تم وضعها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، والتي تنص على ضرورة وجود عرضين أو أكثر من الأعراض الذهانية الأساسية، مثل الأوهام أو الهلوسات أو اضطراب الكلام أو السلوك، لمدة لا تقل عن شهر، على أن يكون هناك تأثير واضح ومستمر على الأداء الاجتماعي أو المهني لفترة لا تقل عن ستة أشهر.
يعتمد الطبيب في عملية التشخيص على مقابلة سريرية مفصّلة يقيّم من خلالها توقيت ظهور الأعراض وشدتها ومدى تأثيرها على الحياة اليومية للمريض. كما يقوم باستبعاد الاضطرابات النفسية الأخرى التي قد تتشابه في الأعراض، مثل الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أو الاكتئاب الذهاني، إضافة إلى التأكد من أن هذه الأعراض ليست ناتجة عن استخدام مواد مخدرة أو أدوية أو أمراض عضوية.
غالبًا ما يُطلب من المريض إجراء فحوصات طبية مساعدة، مثل تحاليل الدم أو تصوير الدماغ باستخدام الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية، وذلك لاستبعاد أي أسباب عضوية محتملة. كما يتم إجراء تقييم وظيفي للإدراك لتحديد مدى تأثر الذاكرة، والتركيز، والقدرة على حل المشكلات، وهي وظائف غالبًا ما تتضرر لدى مرضى الفصام. يشترط أيضًا أن تكون هذه الأعراض ناتجة عن اضطراب ذهني أصيل، وليس نتيجة لحالة طبية أو تأثير مادة كيميائية.
طرق علاج الفصام
رغم أن الفصام لا يُشفى تمامًا في معظم الحالات، إلا أن العلاج المناسب يساعد المريض على التحكم في الأعراض وتحسين جودة الحياة. يشمل العلاج عدة محاور:
- الأدوية المضادة للذهان (Antipsychotics): تعتبر الخط الأول للعلاج، وتعمل على تقليل الهلوسات والأوهام.
- العلاج النفسي (Psychotherapy):
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتحسين الوعي بالأعراض وتطوير آليات المواجهة.
- علاج القبول والالتزام (ACT) لتحسين التقبل والوظائف اليومية.
- العلاج الأسري: يساهم في تقليل الانتكاسات من خلال إشراك الأسرة في فهم المرض ودعم المريض.
- التأهيل المجتمعي والوظيفي: لمساعدة المرضى في العودة للعمل أو الدراسة وتنمية مهاراتهم الاجتماعية.
- الدعم الإلكتروني والتطبيقات النفسية: لمتابعة العلاج والتواصل مع الفريق العلاجي عن بُعد.
- الإقامة المؤقتة أو الطويلة في منشآت متخصصة: عند حدوث نوبات حادة أو فقدان القدرة على الاعتناء بالنفس.
الوقاية من الفصام
رغم أن الفصام يُعد اضطرابًا معقدًا وذو أبعاد متعددة، فإن التدخل المبكر والوعي الجيد بالعلامات التحذيرية يمكن أن يساهما في تقليل احتمالية تدهور الحالة أو تكرار النوبات. تبدأ الوقاية بالتعرف المبكر على الأعراض الأولية مثل الانسحاب الاجتماعي، اضطرابات النوم، أو التغير المفاجئ في نمط التفكير والكلام. عند ملاحظة مثل هذه العلامات، يُنصح بطلب المساعدة الطبية بشكل عاجل لتقييم الوضع النفسي وتقديم التدخل المناسب.
الالتزام بالعلاج، سواء الدوائي أو النفسي، حتى خلال فترات الاستقرار الظاهري، يُعد أحد أهم أركان الوقاية من الانتكاس. كما أن وجود بيئة داعمة ومستقرة من الأسرة والمجتمع يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في تقبل المريض للعلاج وتحسُّن حالته.
من الضروري كذلك تجنب تعاطي المواد المخدرة، خاصة الحشيش والمنشطات، لأنها تزيد من احتمال ظهور الفصام أو تؤدي إلى تفاقم الأعراض لدى المصابين به. وأخيرًا، فإن التثقيف النفسي المنتظم لكل من المريض وأفراد أسرته يعزز الفهم الصحيح لطبيعة المرض، ويزودهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع التحديات اليومية بشكل فعال.
ختامًا…
✔️ إذا كنت تواجه هلوسات (سمعية أو بصرية)، أو تعتقد أن أفكارك تُراقَب أو تُسيطر عليها دون وجود دليل واقعي، فإن هذه قد تكون علامات على الفصام، وهو اضطراب نفسي خطير ومختلف عن اضطراب ثنائي القطب. لا تنتظر حتى تتفاقم الأعراض — الكشف المبكر والعلاج المبكر يحدثان فرقًا كبيرًا في نتائج العلاج على المدى الطويل.
منصة نفسي فيرتول تمنحك فرصة التواصل مع دكتور نفسي أونلاين بكل خصوصية وأمان، دون الحاجة لمغادرة منزلك.
🔹 سواء كنت تبحث عن:
- دكتور نفسي متخصص في الفصام
- علاج نفسي عن بعد
- طبيب نفسي مرخص في الإمارات
فكل ما تحتاجه أصبح في متناولك بخطوة واحدة فقط.
💬 احجز جلستك الآن، وابدأ رحلتك نحو التوازن النفسي والاستقرار العاطفي، مع فريق من المختصين المعتمدين والمجربين.
المصادر المستعملة في إعداد المقال عن الفصام
منظمات دولية وهيئات طبية
مصادر أكاديمية وطبية
- Schizophrenia – Symptoms and causes – Mayo Clinic
- Schizophrenia: What It Is, Causes, Symptoms & Treatment