
الاضطراب المفتعل: الأعراض، الأسباب وطرق العلاج
الاضطراب المفتعل هو حالة نفسية معقدة يختلط فيها المرض النفسي مع السلوكيات التي تتسبب في إحداث أو تزوير أعراض مرضية بشكل متعمد، بهدف جذب الانتباه أو الحصول على رعاية طبية. تعتبر هذه الحالة من التحديات الكبيرة التي تواجه الأطباء النفسيين والطبيين بسبب صعوبة تشخيصها وتعاملها، وتأثيرها السلبي على حياة المرضى وعائلاتهم. في هذا المقال، سنتناول مفهوم الاضطراب المفتعل بشكل علمي مبسط، مع شرح أعراضه، أسبابه، أنواعه، طرق تشخيصه، علاجه، والوقاية منه.
الفهرس
مفهوم الاضطراب المفتعل
الاضطراب المفتعل هو اضطراب نفسي يتميز بإثارة أو التظاهر المتعمد بأعراض مرضية جسدية أو نفسية دون وجود سبب عضوي واضح، ويهدف المريض من ورائه إلى الحصول على دور المريض والاهتمام الطبي والاجتماعي. يختلف هذا الاضطراب عن المحاكاة التي يكون الهدف منها تحقيق مكاسب مادية أو تجنب مسؤوليات معينة. في الاضطراب المفتعل، الدافع الأساسي هو الحاجة النفسية للقبول والاهتمام وليس لتحقيق مكاسب خارجية.
يُعرف أيضًا الاضطراب المفتعل بأنه “اضطراب السعي وراء المرض” (Factitious Disorder)، وهو اضطراب نادر نسبيًا لكنه يتطلب وعيًا دقيقًا من الأطباء لفهم آلياته والتعامل معه بفعالية.
أعراض الاضطراب المفتعل
تظهر أعراض الاضطراب المفتعل بشكل متنوع، حيث قد يتظاهر المريض بأعراض جسدية أو نفسية أو مزيج من الاثنين. من أبرز الأعراض التي قد يلاحظها الأطباء هي ظهور علامات مرضية غير مبررة أو غير متوافقة مع نتائج الفحوص الطبية، مما يشير إلى أن الأعراض قد تكون مفتعلة. كما قد يقدم المريض معلومات مغلوطة أو مضللة حول تاريخه الصحي وأعراضه، مما يعقد عملية التشخيص. يتبع بعض المرضى سلوكيات متكررة لطلب العلاج والإقامة في المستشفيات رغم غياب تشخيص واضح، وقد تتراوح الأعراض بين تلك التي تظهر وتختفي فجأة، أو التي تزداد سوءًا عندما يتلقى المريض مراقبة طبية أو اهتمامًا أكبر.
قد تشمل الأعراض الجسدية ألمًا مزمنًا، نزيفًا، حمى، أو فقدان وزن غير مبرر. أما الأعراض النفسية فقد تتضمن هلوسات، اكتئابًا، قلقًا، أو حتى محاولات انتحار مفتعلة. كما قد يظهر المريض مقاومة لإجراءات تشخيصية معينة أو يُظهر تعاونًا محدودًا مع الفريق الطبي، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى تشخيص دقيق. وأحيانًا، يُلاحظ تناقض بين الحالة السريرية للمريض وشهاداته الذاتية، مما يستدعي مزيدًا من الحذر والتحقق.
أسباب الاضطراب المفتعل
تعددت النظريات التي تحاول تفسير أسباب الاضطراب المفتعل، وأبرزها:
- اضطرابات نفسية أساسية مثل اضطرابات الشخصية، خصوصًا الشخصية الحدية أو النرجسية.
- تجارب طفولة صعبة أو سوء معاملة، أدت إلى حاجة مفرطة للانتباه والاهتمام.
- شعور داخلي بالفراغ العاطفي أو انعدام الأمان النفسي.
- وجود اضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو القلق.
- رغبة في الحصول على دور المريض كوسيلة للهرب من مشاكل الحياة أو المسؤوليات.
- التأثر بأحداث حياتية مؤلمة مثل فقدان عزيز أو مشاكل عائلية.
- بعض الأشخاص قد يكون لديهم معرفة طبية كافية لتزييف الأعراض بشكل مقنع.
- عوامل بيولوجية ونفسية معقدة قد تؤثر على القدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال.
أنواع الاضطراب المفتعل
يمكن تصنيف الاضطراب المفتعل إلى عدة أنواع بناءً على شكل الأعراض والسلوكيات المرتبطة به:
- الاضطراب المفتعل على الذات: حيث يقوم المريض بتزوير أعراض المرض أو التسبب في إصابات لنفسه بهدف جذب الانتباه.
- الاضطراب المفتعل على الغير (الاضطراب المفتعل بالوكالة): عندما يقوم شخص ما، غالبًا ولي الأمر، بإحداث أو تزييف أعراض مرضية لشخص آخر (كالطفل) من أجل الحصول على الاهتمام أو المزايا الاجتماعية.
- الاضطراب المفتعل المزمن: حيث تستمر الأعراض لفترات طويلة وتكون متكررة، مما يؤدي إلى زيارات متكررة للمستشفى.
- الاضطراب المفتعل الحاد: يتميز بفترات قصيرة من التظاهر المرضي تتغير بسرعة وتكون مرتبطة بحالات ضغط نفسي حادة.
- الاضطراب المفتعل مع أعراض جسدية واضحة: مثل التسبب في حمى أو نزيف متكرر.
- الاضطراب المفتعل مع أعراض نفسية: مثل التظاهر باضطرابات نفسية مثل الفصام أو الهوس.
طرق تشخيص الاضطراب المفتعل
تشخيص الاضطراب المفتعل يعد من التحديات الكبيرة التي يواجهها الأطباء، نظرًا لتداخل أعراضه مع أمراض أخرى وصعوبة اكتشاف التلاعب. هذا الاضطراب يتطلب منهجية دقيقة لضمان التشخيص الصحيح. يعتمد الأطباء في تشخيص هذه الحالة على عدة خطوات أساسية.
أولاً، يتم دراسة التاريخ الطبي للمريض بشكل مفصل. يتضمن ذلك متابعة تكرار طلبات العلاج وتغيرات الأعراض غير المبررة التي قد تشير إلى وجود تلاعب. يُعد هذا جزءًا مهمًا من عملية التشخيص، حيث يساعد في تحديد ما إذا كانت الأعراض تتماشى مع أمراض حقيقية أم لا.
ثانيًا، يحتاج الأطباء إلى مراقبة المريض بشكل دقيق على مدار فترة زمنية طويلة. هذه المراقبة تساعد في التحقق من وجود تلاعب في الأعراض أو عدم تطابقها مع الفحوص الطبية، وهو ما يعد مؤشرًا قويًا على احتمال وجود اضطراب مفتعل.
من جهة أخرى، لا بد من استبعاد الأمراض العضوية الحقيقية التي قد تفسر الأعراض التي يعاني منها المريض. يتطلب ذلك إجراء فحوصات طبية شاملة للتأكد من عدم وجود أي أمراض جسدية قد تكون هي السبب في الأعراض.
كما يعتمد الأطباء على استخدام أدوات تشخيصية متخصصة، مثل المقابلات النفسية المعمقة واختبارات تقييم الشخصية. هذه الأدوات تساهم بشكل كبير في تكوين صورة دقيقة عن الحالة النفسية للمريض ومدى تأثير ذلك على الأعراض التي يعاني منها.
طرق علاج الاضطراب المفتعل
علاج الاضطراب المفتعل يتطلب استراتيجية متعددة الأوجه تشمل الجوانب النفسية والطبية، وأهم طرق العلاج هي:
- العلاج النفسي الفردي: التركيز على بناء علاقة ثقة مع المريض لمساعدته على مواجهة مشاكله النفسية الأساسية.
- العلاج السلوكي المعرفي: لتعديل الأفكار والسلوكيات المغلوطة التي تؤدي إلى التظاهر بالأعراض.
- العلاج الدوائي: في حالات وجود اضطرابات نفسية مصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق.
- الدعم الأسري: إشراك الأسرة في العلاج لتقديم الدعم المناسب وتقليل عوامل الضغط.
- التثقيف الطبي والنفسي: توعية المريض وأسرته حول طبيعة الاضطراب وأهمية التعاون العلاجي.
- مراقبة دقيقة وتقييم مستمر: لضمان استجابة المريض للعلاج ومنع تكرار السلوك.
- العلاج الجماعي: في بعض الحالات، لمساعدة المرضى على تبادل الخبرات والدعم.
- التدخل في الأزمات النفسية: توفير دعم نفسي عند حدوث نوبات أو أزمات حادة.
- تجنب المواجهة المباشرة أو الاتهام: لأن ذلك قد يزيد من مقاومة المريض للعلاج.
- المتابعة الطبية الدورية: لضمان الاستقرار النفسي والصحي.
طرق الوقاية من الاضطراب المفتعل
الوقاية من الاضطراب المفتعل تتطلب توعية المجتمع والمهنيين الطبيين بأعراضه ومخاطره، بالإضافة إلى الاهتمام بالصحة النفسية بشكل عام. يجب التركيز على توفير بيئة داعمة ومستقرة للأطفال والشباب لتقليل عوامل الضغط النفسي، وتشجيع البحث عن المساعدة النفسية عند الشعور بأي اضطراب نفسي أو عاطفي. من المهم أن يتم تدريب الأطباء والممرضين على التعرف المبكر على أعراض الاضطراب المفتعل والتعامل معها بحساسية، دون تأنيب أو لوم، مع التأكيد على أهمية الدعم النفسي للمريض بدلاً من التركيز فقط على الأعراض الظاهرية.
في المجتمعات، من الضروري تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية، وتقليل وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية، مما يشجع الأفراد على طلب المساعدة دون خوف أو إحراج. كما ينبغي أن تكون برامج الوقاية جزءًا من السياسات الصحية الوطنية، مع توفير موارد متخصصة للعلاج النفسي والدعم الاجتماعي.
ختامًا…
✔️ إذا لاحظت على نفسك أو على أحد من تحب سلوكيات تتضمن التظاهر المستمر بأعراض مرضية دون أسباب طبية واضحة، أو إذا كان هناك ميل للبحث المتكرر عن الرعاية الطبية دون تحسن حقيقي، فقد تكون هذه علامات تدل على الاضطراب المفتعل. لا تهمل هذه الأعراض، فالتشخيص المبكر والدعم النفسي المناسب يمكن أن يحدثا فرقًا كبيرًا في حياة المريض وعائلته.
منصة نفسي فيرتول تتيح لك التواصل مع دكتور نفسي متخصص أونلاين، بكل خصوصية وأمان، من راحة منزلك، لتقديم الدعم اللازم في التعامل مع هذه الحالة النفسية المعقدة.
🔹 سواء كنت تبحث عن:
- طبيب نفسي متخصص في الاضطرابات النفسية السلوكية مثل الاضطراب المفتعل
- علاج نفسي عن بعد
- دعم نفسي موثوق ومرخص في الإمارات
فكل ما تحتاجه أصبح بمتناول يدك بخطوة واحدة فقط.
💬 احجز جلستك الآن، وابدأ رحلتك نحو فهم أفضل لصحتك النفسية، واستعادة التوازن والاستقرار النفسي، مع فريق من المختصين المعتمدين والمجربين.