 
        
        اضطراب الشخصية الانفصامية: مفهومه، أعراضه وطرق علاجه
اضطرابات الهوية والانفصال عن الواقع تعد من أكثر الموضوعات إثارة في مجال الصحة النفسية، لما تحمله من تعقيدات وأبعاد تتداخل فيها عوامل نفسية، عصبية، وبيئية. من بين هذه الاضطرابات، يبرز اضطراب الشخصية الانفصامية أو ما يُعرف طبيًا باسم “اضطراب الشخصية الانفصامية” (Dissociative Identity Disorder – DID)، كأحد أكثر الحالات النفسية غموضًا وتأثيرًا على حياة الفرد.
الفهرس
- مفهوم اضطراب الشخصية الانفصامية
- أعراض اضطراب الشخصية الانفصامية
- أسباب اضطراب الشخصية الانفصامية
- أنواع اضطراب الشخصية الانفصامية
- طرق تشخيص اضطراب الشخصية الانفصامية
- طرق علاج اضطراب الشخصية الانفصامية
- طرق الوقاية من اضطراب الشخصية الانفصامية
- المصادر المستعملة لكتابة المقال
- منظمات دولية وهيئات طبية
- مصادر أكاديمية وطبية
- مقالات ومصادر متعمقة
يُعرَّف هذا الاضطراب بوجود حالتين أو أكثر من الهويات أو الشخصيات داخل الفرد الواحد، تتناوب في السيطرة على سلوكياته ووعيه وذاكرته، وقد يصاحبه فقدان جزئي أو كلي للذاكرة الشخصية أو الأحداث اليومية. تشكّل هذه الحالة تحديًا كبيرًا في التشخيص والعلاج، وتدفع العديد من المهتمين بمجال الطب النفسي أو ممن يلاحظون سلوكيات مشابهة لدى أنفسهم أو أحبائهم، إلى البحث والتقصي.
في هذا المقال، نستعرض بشكل علمي مبسّط كل ما يتعلق باضطراب الشخصية الانفصامية: المفهوم، الأعراض، الأسباب، الأنواع، طرق التشخيص، أساليب العلاج، والوقاية الممكنة.
مفهوم اضطراب الشخصية الانفصامية
اضطراب الشخصية الانفصامية، أو ما يُعرف طبيًا بـ”اضطراب الشخصية الانفصامية”، هو اضطراب نفسي ينتمي إلى مجموعة اضطرابات الانفصال (Dissociative Disorders)، ويتميّز بوجود هويتين أو أكثر ضمن نفس الشخص، كل منها لها نمطها الخاص في الإدراك، التفكير، التفاعل مع العالم، والذاكرة.
في هذا الاضطراب، يعاني الفرد من فترات يشعر فيها وكأن شخصية أخرى داخله قد سيطرت على تفكيره وسلوكه. قد يتحدث أو يتصرف بطريقة مختلفة تمامًا عن شخصيته الأساسية، دون وعي أو تذكّر لما حدث خلال تلك الفترات. هذه “الشخصيات” قد تكون ذات أسماء، أعمار، أجناس، وحتى أنماط سلوك وميول مختلفة، وتظهر كرد فعل نفسي دفاعي متطوّر نتيجة التعرض لصدمات نفسية، غالبًا في مرحلة الطفولة.
المريض لا يختار هذه الانفصالات، وغالبًا لا يدرك وجودها إلا بعد ملاحظات من الآخرين أو من خلال فجوات في الذاكرة يصعب تفسيرها. الأعراض يمكن أن تكون مربكة ومخيفة، وقد تؤثر بشكل كبير على قدرة الشخص على العمل، الدراسة، إقامة العلاقات، والحفاظ على استقراره النفسي والاجتماعي.
أعراض اضطراب الشخصية الانفصامية
تظهر أعراض اضطراب الشخصية الانفصامية بشكل متنوع، وتتراوح في شدتها من شخص إلى آخر. قد تبدأ الأعراض بشكل خفيف يصعب ملاحظته، ثم تتطور تدريجيًا لتصبح أكثر وضوحًا وتأثيرًا على حياة الفرد.
أحد أبرز الأعراض هو الإحساس بوجود أكثر من هوية أو شخصية داخل الفرد. كل “شخصية” قد تتحدث بأسلوب مختلف، تتصرف بطريقة فريدة، وتملك معتقدات وذكريات خاصة بها. قد يشعر الشخص وكأنه يشاهد نفسه من الخارج، أو يعيش كمتفرج على تصرفاته. أحيانًا لا يتذكّر شيئًا عمّا قاله أو فعله خلال فترة تحكُّم “الشخصية الأخرى”.
من الأعراض الشائعة كذلك فقدان الذاكرة أو “الفراغات الزمنية”، حيث لا يستطيع الفرد تذكر تفاصيل أحداث يومية بسيطة، أو حتى معلومات شخصية مهمة. هذا الفقدان يتجاوز حدود النسيان الطبيعي، وقد يشمل نسيان أماكن، أوقات، أشخاص، أو أفعال قام بها دون وعي.
غالبًا ما يعاني المصابون بهذا الاضطراب من مشاكل مرافقة مثل الاكتئاب، القلق، اضطرابات النوم، الشعور بالاغتراب أو الانفصال عن الذات، اضطرابات الأكل، نوبات الهلع، وأفكار انتحارية أو سلوكيات إيذاء الذات. وقد يلاحظ المحيطون بالشخص تغيّرات مفاجئة في مزاجه، سلوكياته، أو قدرته على التركيز والتفاعل الاجتماعي.
أسباب اضطراب الشخصية الانفصامية
- التعرض لصدمات نفسية شديدة في الطفولة: يُعدّ السبب الرئيسي في معظم حالات DID. يتضمن ذلك الاعتداء الجنسي، الجسدي، العاطفي، أو الإهمال المزمن.
- آلية دفاعية نفسية: يستخدم الطفل التفكّك كوسيلة للهروب من واقع مؤلم لا يستطيع التعامل معه.
- بيئة غير داعمة: غياب الدعم الأسري أو وجود بيئة غير آمنة نفسيًا يعزز من احتمالية حدوث الانفصال.
- تكرار الصدمات أو الإساءات: التعرّض المستمر للترهيب أو العنف خلال فترة طويلة من الطفولة يعمّق الانفصال عن الهوية الأساسية.
- الاستعداد الوراثي أو العصبي: هناك مؤشرات على أن بعض الأشخاص قد يكون لديهم قابلية عصبية أكبر لتطوير هذا الاضطراب.
- تجارب فقدان أو فجيعة شديدة: مثل فقدان أحد الوالدين في سن مبكرة أو مشاهدة مشاهد عنف شديدة.
- اضطرابات نفسية مصاحبة: مثل اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطرابات القلق، التي قد تساهم في تطور DID.
أنواع اضطراب الشخصية الانفصامية
- اضطراب الشخصية الانفصامية الكامل: حيث توجد شخصيات متعددة متميّزة تمامًا، وتتناوب في السيطرة على وعي الشخص وسلوكه.
- اضطراب الشخصية الانفصامية الجزئي: يتمثل في وجود شخصيات منفصلة ولكن لا تظهر بشكل واضح أو لا تتحكم تمامًا في السلوك.
- النمط الحيازي (Possession-form): يُشعر الشخص أن “كيانًا” خارجيًا (مثل روح أو شخصية روحية) يسيطر عليه، وهو أكثر شيوعًا في ثقافات ذات خلفية دينية أو روحانية.
- الانفصال دون تبدّل شخصيات واضح: حيث يعاني الفرد من فقدان الذاكرة والانفصال دون ظهور هويات بديلة كاملة.
- اضطرابات الانفصال المرافقة: مثل اضطراب تبدد الشخصية (Depersonalization) أو اضطراب فقدان الذاكرة التفارقي.
طرق تشخيص اضطراب الشخصية الانفصامية
يُعد تشخيص اضطراب الشخصية الانفصامية من أكثر التحديات في الطب النفسي. يعتمد التشخيص على تقييم دقيق من قِبل طبيب نفسي مختص، يتضمن مراجعة التاريخ النفسي، تقييم الأعراض، والتحقق من وجود معايير محددة وضعتها الأدلة التشخيصية مثل DSM-5 أو ICD-11.
يشترط للتشخيص وجود اثنين أو أكثر من الهويات أو الحالات النفسية المتمايزة التي تتحكم في سلوك الفرد بشكل متكرر، مع وجود فواصل في الذاكرة لا يمكن تفسيرها بالنسيان الطبيعي. كما يُشترط أن تسبب هذه الأعراض معاناة ملحوظة أو خللاً في الأداء الاجتماعي أو المهني، وألا تكون نتيجة لمواد مخدرة أو حالة طبية أخرى.
قد يستخدم الطبيب استبيانات خاصة، أو إجراء مقابلات نفسية معمقة للكشف عن وجود “الشخصيات البديلة” أو فترات فقدان الذاكرة. كما يتم التأكد من استبعاد اضطرابات نفسية أخرى مثل الذهان، اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب الشخصية الحدية، التي قد تتداخل في بعض الأعراض.
في بعض الحالات، يُطلب من المريض تسجيل الأعراض وتدوين الأحداث اليومية للمساعدة في كشف التغيّرات المفاجئة أو الفجوات في الوعي.
طرق علاج اضطراب الشخصية الانفصامية
- العلاج النفسي (Psychotherapy): يُعتبر العلاج بالكلام الوسيلة الأساسية للعلاج، وخاصة العلاج المعتمد على الصدمة (Trauma-focused therapy).
- العلاج المرحلي: يتضمن مراحل ثلاث: تحقيق الاستقرار، معالجة الصدمة، وإعادة الدمج بين الهويات.
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يُستخدم لمعالجة القلق والاكتئاب المرافقين.
- علاج بالتنويم المغناطيسي: يُستخدم أحيانًا تحت إشراف مختص لمساعدة الشخص على استرجاع الذكريات أو دمج الشخصيات.
- العلاج الدوائي: لا يوجد دواء محدد لـ DID، لكن يمكن استخدام أدوية للاكتئاب أو القلق المصاحب.
- الدعم الجماعي أو الأسري: جلسات علاج جماعي أو إشراك الأسرة في العلاج يمكن أن تساعد في بناء بيئة داعمة.
- التركيز على الوعي الذاتي: مثل تقنيات التأمل، والوعي اللحظي (Mindfulness)، وتمارين التنفس العميق.
- التعامل مع الأعراض المرافقة: مثل علاج اضطرابات الأكل، الأرق، أو السلوكيات الخطرة.
- التدخل في حالات الطوارئ: في حال وجود أفكار انتحارية أو إيذاء للنفس، قد يتطلب الأمر دخول المستشفى.
طرق الوقاية من اضطراب الشخصية الانفصامية
رغم أن الوقاية من اضطراب الشخصية الانفصامية قد لا تكون ممكنة بشكل كامل، خصوصًا في حال التعرض لصدمات لا يمكن تجنبها في الطفولة، إلا أن هناك مجموعة من التدخلات المبكرة التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة.
توفير بيئة أسرية آمنة، وداعمة نفسيًا، هو حجر الأساس في الحماية من تطور هذا النوع من الاضطرابات. اكتشاف حالات الإساءة أو الإهمال مبكرًا، والتدخل العلاجي الفوري، يلعبان دورًا محوريًا في تقليل تأثير الصدمة على الطفل. كما يُنصح بتدريب الأهل والمربين على ملاحظة العلامات التحذيرية للانفصال أو المعاناة النفسية، وتقديم الدعم العاطفي المناسب.
زيادة الوعي المجتمعي حول آثار الصدمات النفسية، وتوفير خدمات الصحة النفسية في المدارس والمجتمعات، يمكن أن تكون أدوات فعالة للوقاية. فكلما تم التعرف مبكرًا على علامات الاضطراب، كانت فرص التدخل الناجح أعلى.
ختامًا…
✔️إذا كنت تمر بتقلبات في إدراك الذات، أو لاحظت أنك أو أحدًا تحبه يعاني فترات من «انفصال» أو فجوات في الذاكرة أو تغيّرات مفاجئة في السلوك أو الهوية، فقد تكون هذه علامات لـ اضطراب الشخصية الانفصامية. لا تنتظر حتى تتفاقم الأعراض — الدعم النفسي المبكر يصنع فارقًا كبيرًا في رحلة العلاج.
منصة نفسي فيرتول تمنحك فرصة التواصل مع دكتور نفسي أونلاين بكل خصوصية وأمان، دون الحاجة لمغادرة منزلك.
🔹 سواء كنت تبحث عن:
- دكتور نفسي متخصص في اضطرابات التفكّك
- علاج نفسي عن بُعد
- طبيب نفسي مرخّص في الإمارات
فكل ما تحتاجه أصبح في متناولك بخطوة واحدة فقط.
💬 احجز جلستك الآن، وابدأ طريقك نحو الاستقرار النفسي والتوازن العاطفي، مع نخبة من المختصّين المعتمدين والمجربين.
المصادر المستعملة لكتابة المقال
منظمات دولية وهيئات طبية
Dissociative Identity Disorder (DID): Symptoms & Treatment
مصادر أكاديمية وطبية
Dissociative Identity Disorder – StatPearls – NCBI Bookshelf
Dissociative disorders – Symptoms and causes – Mayo Clinic
مقالات ومصادر متعمقة
psychiatry.org/patients-families/dissociative-disorders/what-are-dissociative-disorders
 
        



